اثار عقد البيع
بمجرد إبرام عقد البيع و تمامه وفقا لما هو منصوص عليه في القانون أو بمقتضى الاتفاق ، و استجماع العقد لأركانه و شروط صحته ، تترتب عليه جملة من الآثار تتمثل في التزامات البائع و التزامات المشتري.
المبحث الأول : التزامات البائع :
حسب نص الفصل 498 ( ق ل ع) فإن البائع يتحمل إزاء المشتري بتسليم الشيء المبيع و الالتزام بضمانه و كذا بنقل الملكية إليه.
المطلب الأول : الالتزام بنقل الملكية :
إن المبدأ العام في التعاقد ، هو انتقال ملكية المبيع الى المشتري بمجرد تمام العقد بتراضي عاقديه حسب نص الفصل 491 (ق ل ع) : "يكسب المشتري بقوة القانون ملكية الشيء المبيع بمجرد تمام العقد بتراضي طرفيه".
فينتج البيع كافة آثاره في مواجهتهما، فيصبح المشتري متحملا بالضرائب التي كان يؤديها البائع بسبب ملكيته الشيء المبيع ، كما تقع على المشتري مصروفات حفظ البيع، و جني ثماره ن بل إنه يتحمل تبعة هلاك المبيع ، ولو قبل التسليم ما لم يتفق على غير ذلك.
ويرد على هذه القاعدة استثناءان نص عليهما المشرع في الفصل 489 (ق ل ع) : "إذا كان البيع عقارا إو حقوقا عقارية ، إو إشياء يمكن رهنها رهنا رسميا ، وجب إن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له إثر في مواجهة الغير ، إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون ".
فالشكلية التي استلزمها المشرع هنا، يشترط لقيامها إن يرد البيع على عقار ، أو على حق عيني عقاري ، إو على إشياء يمكن رهنها رهنا رسميا .
أ- البيع على العقار:
يجب التمييز في هذه الحالة بين نوعي العقار محل البيع:
ف‘ذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ ، يتعين أن يجري البيع كتابة في محرر تابث التاريخ، و إلا بقي دون إثر فيما بين المتعاقدين ، أما بالنسبة لغيرهما فلا يمكن الاعتداد به إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون، سواء كان عقارا محفظا أو غير محفظ، أو شيئا آخر من الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا.
أما بيع العقار المحفظ فإن ملكيته لا تنتقل إلا بالتسجيل في السجل العقاري حسب الفصل 2 من ظهير 1915 الذي ينص أن : "ملكية العقارات المحفظة و الحقوق العينية العقارية ، لا يمكن أن تنتقل إلا بالتسجيل في السجل العقاري ولو فيما بين المتعاقدين".
و الحقوق العينية العقارية حسب الفصل 8 من ظهير 1915 :" هي ملكية العقارات ،و لانتفاع بها، والأحباس نو حقا الاستعمال و السكنى، و الكراء الطويل الأمدن و حق السطحية،و الرهن الحيازي ، و الارتفاق و التكاليف العقارية ، و الامتيازات و الرهون الرسمية كالجزاء، و الاستئجار و الجلسة و الزينة و الهواء، و كذا الدعوى التي ترمي إلى استحقاق عقار".
ب- البيع الوارد على أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا:
إن أهم الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا – بالإضافة إلى العقارات و الحقوق العينية العقارية – هي السفن و الطائرات ، و السيارات ، و إن كانت منقولات بطبيعتها، إلا أن المشرع قد أحاطها بنفس العناية التي منحها للعقار، نظرا للقيمة الاقتصادية التي تمثلها.
فعلاوة على الفصل 489 (ق ل ع ) الذي اوجب ان تتم البيوع المتعلقة بالأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا ، كتابة في محرر ثابت التاريخ فيما بين المتعاقدين و ان تسجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون في مواجهة الغير.
فإن قانون التجارة البحري قد أجاز إمكانية رهن السفن رهنا رسميا ، و أن نقل ملكيتها يتم بتسجياه في سجل خاص.
و نص الفصل 22 من المرسوم الصادر في 10/07/1961 على إمكانية رهن الطائرات وما في حكمها رهنا رسميا ، و إن كانت منقولا بطبيعتها ،و أن ملكيتها لا تنتقل إلا بعد تسجيل بيعها بسجل خاص لدى وزارة الأشغال العمومية.
ونفس الشيء يسري على السيارات بأنواعها التي لا يقتصر بيعها على مجرد الإيجاب و القبول ، بل لا بد من تسجيله بإدارة تسجيل السيارات التابعة لوزارة النقل بعد القيام بالإجراءات الشكلية اللازمة.
المطلب الثاني : الالتزام بتسليم المبيع :
يقصد بتسليم المبيع إلى المشتري تخلي البائع أو من ينوب عنه عن الشيء المبيع و ملحقاته ، ووضعه تحت تصرف المشتري أو نائبه، وتمكينه من حيازته بدون أي عائق، وهو على الحالة التي كان عليها عند إبرام العقد.
و لمعرفة أحكام تسليم المبيع إلى المشتري يتعين تحديد موضوع التسليم و صوره و بيان ظروفه.
أ – موضوع التسليم و صوره:
يقصد بموضوع التسليم : الشيء المبيع المتفق عليه في عقد البيع و كذا توابعه.
1- تسليم المبيع :
قد يكون المبيع موضوع التسليم عقارا ،أو منقولا، أو مجرد حق معنوي .
· فإذا كان المبيع عقارا : وجب على البائع التخلي عنه لفائدة المشتري ، أو عن طريق تسليم مفاتيحه إذا كان من المباني.
· و إذا كان المبيع منقولا: فإن تسليمه يتم عن طريق المناولة اليدوية ، أو بتسليم مفاتيح الصندوق أو المنزل أو الأماكن التي يكون البيع موضوعا فيها أو بأي وجه آخر جرى به العرف.
· و إذا كان المبيع حقا معنويا : كحق المرور، فإن تسليمه يتم إما بتسليم السندات التي تتبث وجوده ، و إما بالاستعمال الذي يباشره المشتري لها برضى البائع، أو بأي شيء آخر يحصل به هذا الحق.
2- تسليم توابع المبيع:
البائع ملزم بتسليم توابع البيع إن وجدت حسب الفصل 516 (ق ل ع) الذي ينص على أن :"الالتزام بتسليم الشيء يشمل أيضا توابعه ،وفقا لما يقضي به اتفاق الطرفين، أو يجري به العرف، فإن لم يوجد اتفاق و لا عرف اتبعت القواعد الواردة فيما يلي":
و قد بسط المشرع أحكام تسليم الملحقات مع الشيء المبيع في الفصول 517 إلى 531 (ق ل ع) و منها :
* الفصل 517 ينص على أن : " بيع الأرض يشمل مافيها من مباني و أشجار كما يشمل المزروعات التي لم تنبت بعد، والثمار التي لم تنضج كذلك".
* و ينص الفصل 518 على أن :"بيع البناء يشمل الأرض التي أقيم عليها، كما يشمل ملحقاته المتصلة به اتصال قرار كالأبواب و النوافذ ، و المفاتيح التي تعتبر متمما للأقفال... ولا يشمل بيع البناء الأشياء غير التابثة التي يمكن إزالتها بلا ضرر ، و لا مواد البناء المجمعة لإجراء الإصلاحات ، و لا تلك التي فصلت عنه بقصد استبدال غيرها بها".
ب – ظروف تسليم المبيع :
1- مكان التسليم :
نص المشرع في الفصل 502 (ق ل ع) على أنه : " يجب أن يتم ألتسليم في المكان الذي كان الشيء موجودا فيه عند البيع، ما لم يتفق على غير ذلك".
2- زمان التسليم :
نص الفصل 504 (ق ل ع) على أنه : "يجب أن يحصل التسليم فور إبرام العقد، إلا ما تقتضيه طبيعة الشيء المبيع أو العرف من زمن".
فمن الأشياء ما يتطلب تسليمها وقتا ما، كأن يتم البيع على نمودج معين و يتطلب إعداد المبيع و صنعه وقتا معينا.
الالتزامات غير الاساسية المترتبة على عاتق البائع
المطلب الثالث: الالتزام بضمان المبيع :
يلتزم البائع بضمان المبيع للمشتري، حتى يتمكن هذا الأخير من الاستفادة من الشيء المبيع وفق ما أعد له بطبيعته أو بمقتضى الاتفاق،و حسب الفصل 532 (ق ل ع) فإن الضمان الواجب على البائع يشمل ضمان الاستحقاق و ضمان العيب و يضيف الفصل 533 ضمان التعرض.
أ- ضمان التعرض:
نص المشرع المغربي في الفصل 533 (ق ل ع) على أن : "الالتزام بالضمان يقتضي من البائع الكف عن كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش على المشتري أو حرمانه من المزايا التي كان له الحق في أن يعول عليها ،بحسب ما أعد له المبيع و الحالة التي كان عليها وقت البيع"
فالتعرض هو كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش من قبل البائع أو من غيره.
· تعرض البائع
كل تعرض من قبل البائع على المشتري يحول دون انتفاعه بالمبيع كليا أو جزئيا، فإنه يعتبر ضامنا له و مسؤولا عنه، ومن حق المشتري مطالبته بالكف عن ذلك التشويش رضاءا ، و إلا عن طريق القضاء، مع طلب التعويض إن كان له محل، ويجب أن يكون التعرض قد وقع فعلا، و لا يكفي مجرد احتمال وقوعه.
وقد يكون التعرض الحاصل من البائ ماديا أو قانونيا:
- من قبيل التعرض المادي الذي يضمنه البائع : هو قيام هذا الأخير ببيع محل تجاري لشخص ما ثم يبيع محلا مماثلا معدا لنفس الغرض لشخص آخر في المكان نفسه، و سبب التعرض هو المنافسة بين المشتريين.
- و من قبيل التعرض القانوني : أن يطالب البائع بحق ما على المبيع الذي سبق له بيعه، لنفس المشتري ، كحق الارتفاق و الانتفاع.
· تعرض الغير:
لا يضمن البائع تعرض الغير، إلا إذا كان سببه مرتبطا بفترة ما قبل التعاقد و يستند إلى حق يثبته القانون كما في حالة بيع عقار مثقل برهن رسمي لمصلحة الدائن.
أ- ضمان الاستحقاق:
نص المشع المغربي في الفصل 534 (ق ل ع) على أن: " البائع يلتزم بقوة القانون بأن يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده ، بمقتضى حق كان موجودا عند البيع".
و الاستحقاق بمعناه الضيق هو ضياع حق بمقتضى حكم قضائي، أما في الاصطلاح فهو انتزاع المبيع من المشتري، أو تهديده بانتزاعه منه، و غالبا ما يكون مسبوقا بالتعرض الذي يتم به التمهيد لبلوغ الاستحقاق.
و يشمل الاستحقاق كل الحالات التي يفقد فيها المشتري حقه في التملك كلا أو جزءا، كأن يدعي شخص ملكية الشيء المبيع بعقد بيع سابق، أو ميراث أو غيرها.
أو أن يكون المبيع مثقلا بحقوق ارتفاق غير ظاهرة أو حقوق عينية لم يصرح بها البائع عند العقد.
وينقسم ضمان الاستحقاق إلى نوعين : الاستحقاق الكلي و الاستحقاق الجزئي.
· حسب الفصل 538 (ق ل ع) فإن المبيع إذا استحق كليا من يد المشنري، كان لهذا الأخير أن يطلب استرداد الثمن و المصروفات التي دفعها، و الخسائر المترتبة عن الاستحقاق.
· إذا كان الاستحقاق جزئيا ، فإنه يفصل بين حالتين:
- أن يبلغ الاستحقاق حدا من الاهمية بحيث لو علم به المشتري لامتنع عن الشراء أصلا، فإن المشتري يكون مخيرا بين فسخ البيع و استرداد كل الثمن، وبين الاحتفاظ بالشيء البيع، في حدود الجزء غير المستحق مع المطالبة باسترداد جزء من الثمن يوازي حجم هذا الاستحقاق.
أما إذا لم يبلغ الاستحقاق الجزئي القدر الكافي لتبرير الفسخ، فإن حق المشتري ينحصر في طلب استرداد جزء من الثمن يوازي نسبة العجز أو الاستحقاق الذي لحق به.
ج- ضمان العيوب الخفية :
عرف الفقه الفرنسي العيب بأنه "كل ما يصيب الشيء المبيع بطريق عارض و لا يوجد حتما في كل الأشياء المماثلة"، و عرف الفصل 549 (ق ل ع) العيوب التي يضمنها البائع بأنها " عيوب الشيء التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا، أو التي تجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد"
ولضمان العيوب شروط لا بد من توفرها ، وآثار تترتب عنها.
· شروط ضمان العيوب الخفية أربعة:
- أن يكون العيب خفيا غير ظاهر بحيث لا يرى بالعين المجردة و لا يدرك ببقية الحواس، و إنما يتطلب اكتشافه تجربة المبيع مدة زمنية معينة، كمن يشتري منزلا معدا للسكن ثم يكتشف في فصل الشتاء أن مياه المطر تتسرب إلى داخله من السقف، رغم بنائه بالإسمنت المسلح بسبب الغش في مواد البناء.
- أن يكون العيب مؤثرا أي ينقص من قيمة الشيء نقصا محسوسا، او يجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد كمن يشتري جهاز تلفاز من أجل مشاهدة الصورة و سماع الصوت، فيجده خاليا من إحدى الصفتين.
- أن يكون العيب قديما اي موجودا وقت انتقال ملكية المبيع إلى المشتري حسب الفصل 552 (ق ل ع) لا بعد انتقال الملكية.
- أن يكون المشتري جاهلا بالعيب ن أما إذا كان عالما به فيفترض رضاه بالمبيع معيبا، فلا يضمن البائع ، و يفترض دائما جهل المشتري حتى يثبت العكس .
· الآثار المترتبة على ضمان العيب الخفي:
نظم المشرع المغربي الآثار المترتبة على ضمان العيب الخفي في الفصول من 556 إلى 567 من (ق ل ع) و هي:
- حق المشتري في طلب فسخ البيع و رد الثمن، الفصل 556 (ق ل ع).
- حق المشتري في طلب إنقاص الثمن:
n إذا كان الشيء قد تعيب بخطئه أو بخطإ من يسأل عنهم .
n إذا كان قد استعمل الشيء استعمالا من شأنه أن ينقص من قيمته بكيفية محسوسة .
- على من تقع تبعة هلاك الشيء المبيع ؟
تقع تبعة هلاك المبيع على عاتق البائع إذا تم بسبب العيب الذي كان يشوبه أو بحادث فجائي ناتج عن هذا العيب، ويلزم البائع برد الثمن و بالتعويضات .
وتقع تبعة الهلاك على المشتري و حرمانه من أي حق في استرداد الثمن أو إنقاصه في حالات :
n هلاك المبيع بخطا وقع منه
n إذا سرق الشيء من المشتري.
n إذا حول المشتري الشيء على نحو يصير معه غير صالح لاستعماله فيما أعد له إصلا.
- إمكانية الاتفاق على إسقاط مسؤولية البائع حيث أن لا شيء يمنع من اتفاق المتبايعين على إسقاط مسؤولية البائع من أي ضمان لأي عيب قبل أو بعد التسليم.
المبحث الثاني : التزامات المشتري:
وفقا لنص الفصل 576 (ق ل ع) فإن المشتري يتحمل بالتزامين اثنين إزاء البائع و هما التزامه بدفع الثمن، و الالتزام بتسلم المبيع.
بالإضافة إلى التزامات أخرى فرعية كالتزامه بأداء مصروفات العقد و التسجيل و التنبر و الشحن و النقل.
المطلب الأول : الالتزام بدفع الثمن:
يعتبر الالتزام بأداء الثمن من أهم الالتزامات الملقاة على عاتق المشتري بحيث يتوجب عليه أداء الثمن في التاريخ و المكان المحددين في عقد البيع، وعند سكوت العقد، فإن البيع يعتبر أنه قد أبرم معجل الثمن،و يلتزم المشتري بدفعه في وقت تسليم المبيع إليه "الفصل 577 (ق ل ع) ".
أ- ظروف أداء الثمن:
زمان أدائه:
نظرا للارتباط الموجود بين تسليم المبيع و أداء الثمن، فإن هذا الأخير غالبا ما يتوجب دفعه للبائع أثناء حصول التسليم.
إلا أن هذا الأصل قد ترد عليه الاستثناءات التي يتم فيها الاتفاق على أداء الثمن قبل التسليم او بعده، و بمقتضى هذا الاتفاق فإن أداء الثمن أداء الثمن قد يكون دفعة واحدة، و قد يكون على أقساط، و في كل الأحوال، إذا منح للمشتري أجل الأداء ، فإن بدء سريان هذا الأجل سيكون من وقت إبرام عقد البيع ما لم يتم الاتفاق على وقت آخر.
· التسليم الجزئي للمبيع: إذا كان التسليم الجزئي للمبيع مفروضا على المشتري بمقتضى الاتفاق أو العرف، فإن المشتري لا يلزم إلا بتسليم أجزاء من الثمن تتناسب مع الكمية التي يتوصل بها من المبيع.
· التسليم الكلي للمبيع : إذا لم يكن هناك عرف و لا اتفاق يفرض تجزئة التسليم فإن المشتري لا يلزم بأداء الثمن إلا بعد تسليم المبيع كاملا . " الفصل 504 من (ق ل ع)".
مكان أدائه:
إذا كان تسليم المبيع يتم في المكان الذي يوجد به الشيء المبيع، ما لم يحصل اتفاق على خلاف ذلك، فإن دفع الثمن يتعين الوفاء به في نفس المكان الذي يتم فيه التسليم.
كيفية أدائه :
الثمن باعتباره دينا في ذمة المشتري يتم أداؤه بطريقة عادية بواسطة النقود المتداولة في البلد الذي حصلت فيه المعاملة ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك ، كأن يتم الاتفاق على أدائه بعملة أجنبية معينة ، أو عن طريق الشيكات البنكية او الأوراق التجارية كالكمبيالة و غيرها، و في كل الأحوال لا يعتد بهذه الوسائل إلا إذا كانت مقبولة من طرف البائع.
ب- حكم عدم الوفاء بالثمن:
إن عدم الوفاء بالثمن من طرف المشتري قد يكون عن حق أو عن غير حق.
n الامتناع عن أداء الثمن عن حق:
من حق المشتري أن يمتنع عن أداء الثمن ما دام البائع لم ينفذ التزامه المقابل بتسليم المبيع، إلا ان هذا الحق في حبس الثمن يجب أن يتماشى كليا أو جزئيا مع نوعية التشويش أو التعرض الصادر عن البائع، فإذا كان محدودا في جزء معين من المبيع فإنه لا يحق للمشتري أن يحبس إلا جزءا من الثمن يتناسب مع حجم التعرض و الاستحقاق.
n الامتناع عن أداء الثمن عن غير حق:
إذا قام البائع بكافة الالتزامات المفروضة عليه، و بالرغم من ذلك امتنع المشتري من أداء الثمن، فإن للبائع أن يجبره على تنفيذ التزامه المقابل المتمثل في الأداء بإحدى الطرق الثلاث اي التنفيذ العيني ، استرداد المبيع ، أو فسخ البيع.
· التنفيذ العيني:
و يكون التنفيذ العيني عن طريق حبس المبيع طبقا للفصل 235 من (ق ل ع) الذي ينص على ما يلي: " في العقود الملزمة للطرفين يجوز لكل متعاقد منهما أن يمتنع عن أداء التزامه إلى أن يؤدي المتعاقد الآخر التزامه المقابل، و ذلك ما لم يكن أحدهما ملتزما حسب الاتفاق أو العرف، بأن ينفذ نصيبه من الالتزام أولا".
و حبس البائع للبيع إما أن يؤدي إلى إرغام المشتري على الوفاء بما التزم به و إما إن يتحول إلى فسخ قضائي للعقد إذا لم تتحقق الغاية منه.
· استرداد المبيع :
حسب الفصل 582 من (ق ل ع) خول المشرع للبائع إمكانية استرداد الشيء البيع من يد المشتري إذا امتنع هذا الأخير عن الوفاء بالثمن، إذا كان هذا الأخير معجل الدفع.
· فسخ البيع:
وفقا للقواعد العامة المتعلقة بمطل الدين " الفصل 259 (ق ل ع) " فإن المشتري إذا كان في حالة مطل فإنه يحق للبائع أن يطالب بالتنفيذ العيني لعقد البيع، أما إذا تعذر الوصول إلى هذه الغاية، فإن المحكمة ستقضي بفسخ البيع مع التعويض إن كان له محل.
المطلب الثاني : الالتزام بتسلم المبيع :
يلتزم المشتري إضافة إلى أداء الثمن بتسلم الشيء المبيع وفقا لما يقضي به العقد أو ينص عليه القانون. وهو ما يؤكده الفصل 580 (ق ل ع) الذي ينص على أن " المشتري يلتزم بتسلم الشيء المبيع في المكان و الوقت اللذين يحددهما العقد، فإذا سكت العقد عن البيان، و لم يجر بشأنه عرف، التزم المشتري أن يتسلم المبيع فورا،إلا ما يقتضيه تسلمه من زمن، و إذا لم يتقدم المشتري للتسلم، أو إذا تقدم لتسلمه ولكنه لم يعرض في نفس الوقت أداء ثمنه، عندما يكون هذا الثمن معجلا، وجب اتباع القواعد العامة المتعلقة بمطل الدائن". فكيف يتم التسلم إذن وما هو جزاء الإخلال به ؟
*- أ- كيفية تسلم الشئ المبيع:
إن المشتري لا يلزم بتسلم الشيء المبيع إلا إذا كان موضوعا رهن إشارته من قبل البائع.
وإذا كان المبيع من العقارات فإن تسلمها يكون بوضعها تحت تصرف المشترين، وقد يتم الإكتفاء بمناولة المشتري مفاتيح العقار أو وثائقه رمزا لهذا التسلم.
أما إذا كان المبيع من المنقولات ، فإن استلامها يكون بحيازتها حيازة مادية متى كان المنقول محددا بالذات، أما إذا كان محددا بالنوع، فإن تسلمه يكون بمفرزه و تعيينه، أما إذا كان المبيع من الحقوق المعنوية أو الأدبية فإن تسلمها غالبا ما يقتصر على تمكين المشتري من الوتائق و المستندات التي تثبت وجودها.
أما مصاريف التسلم من شحن و نقل، و توتيق و تسجيل فيتحملها المشتري.
ب - جزاء الإخلال بتسلم المبيع:
إذا امتنع المشتري عن تسلم المبيع امتناعا كليا أو جزئيا، أوتأخرعن تسلمه في الموعد المحدد لذلك ، فإنه يكون في حالة مطل الأمرالذي يستوجب تطبيق القواعد المتعلقة بمطل الدائن عليه، و هي:
* يكون الدائن في حالة مطل إذا رفض دون سبب معتبر قانونا استيفاء الأداء المعروض عليه من المدين أو من غيره.
* ابتداء من الوقت الذي يصبح فيه الدائن في حالة مطل تقع عليه مسؤولية هلاك الشيء أو تعيبه، ولايكون المدين مسؤولا إلاعن تدليسه و خطئه الجسيم " الفصل 273 (ق ل ع) ".
* ليس على المدين أن يرد إلا الثمار التي جناها فعلا أثناء مطل الدائن (الذي هو المشتري) ، و له من ناحية أخرى الحق في استرداد المصروفات الضرورية التي اضطر إلى انفاقها لحفظ الشيئ و صيانته، وكذلك مصروفا ت العروض المقدمة منه ،"الفصل 274 (ق ت ع).
بمجرد إبرام عقد البيع و تمامه وفقا لما هو منصوص عليه في القانون أو بمقتضى الاتفاق ، و استجماع العقد لأركانه و شروط صحته ، تترتب عليه جملة من الآثار تتمثل في التزامات البائع و التزامات المشتري.
المبحث الأول : التزامات البائع :
حسب نص الفصل 498 ( ق ل ع) فإن البائع يتحمل إزاء المشتري بتسليم الشيء المبيع و الالتزام بضمانه و كذا بنقل الملكية إليه.
المطلب الأول : الالتزام بنقل الملكية :
إن المبدأ العام في التعاقد ، هو انتقال ملكية المبيع الى المشتري بمجرد تمام العقد بتراضي عاقديه حسب نص الفصل 491 (ق ل ع) : "يكسب المشتري بقوة القانون ملكية الشيء المبيع بمجرد تمام العقد بتراضي طرفيه".
فينتج البيع كافة آثاره في مواجهتهما، فيصبح المشتري متحملا بالضرائب التي كان يؤديها البائع بسبب ملكيته الشيء المبيع ، كما تقع على المشتري مصروفات حفظ البيع، و جني ثماره ن بل إنه يتحمل تبعة هلاك المبيع ، ولو قبل التسليم ما لم يتفق على غير ذلك.
ويرد على هذه القاعدة استثناءان نص عليهما المشرع في الفصل 489 (ق ل ع) : "إذا كان البيع عقارا إو حقوقا عقارية ، إو إشياء يمكن رهنها رهنا رسميا ، وجب إن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له إثر في مواجهة الغير ، إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون ".
فالشكلية التي استلزمها المشرع هنا، يشترط لقيامها إن يرد البيع على عقار ، أو على حق عيني عقاري ، إو على إشياء يمكن رهنها رهنا رسميا .
أ- البيع على العقار:
يجب التمييز في هذه الحالة بين نوعي العقار محل البيع:
ف‘ذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ ، يتعين أن يجري البيع كتابة في محرر تابث التاريخ، و إلا بقي دون إثر فيما بين المتعاقدين ، أما بالنسبة لغيرهما فلا يمكن الاعتداد به إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون، سواء كان عقارا محفظا أو غير محفظ، أو شيئا آخر من الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا.
أما بيع العقار المحفظ فإن ملكيته لا تنتقل إلا بالتسجيل في السجل العقاري حسب الفصل 2 من ظهير 1915 الذي ينص أن : "ملكية العقارات المحفظة و الحقوق العينية العقارية ، لا يمكن أن تنتقل إلا بالتسجيل في السجل العقاري ولو فيما بين المتعاقدين".
و الحقوق العينية العقارية حسب الفصل 8 من ظهير 1915 :" هي ملكية العقارات ،و لانتفاع بها، والأحباس نو حقا الاستعمال و السكنى، و الكراء الطويل الأمدن و حق السطحية،و الرهن الحيازي ، و الارتفاق و التكاليف العقارية ، و الامتيازات و الرهون الرسمية كالجزاء، و الاستئجار و الجلسة و الزينة و الهواء، و كذا الدعوى التي ترمي إلى استحقاق عقار".
ب- البيع الوارد على أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا:
إن أهم الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا – بالإضافة إلى العقارات و الحقوق العينية العقارية – هي السفن و الطائرات ، و السيارات ، و إن كانت منقولات بطبيعتها، إلا أن المشرع قد أحاطها بنفس العناية التي منحها للعقار، نظرا للقيمة الاقتصادية التي تمثلها.
فعلاوة على الفصل 489 (ق ل ع ) الذي اوجب ان تتم البيوع المتعلقة بالأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا ، كتابة في محرر ثابت التاريخ فيما بين المتعاقدين و ان تسجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون في مواجهة الغير.
فإن قانون التجارة البحري قد أجاز إمكانية رهن السفن رهنا رسميا ، و أن نقل ملكيتها يتم بتسجياه في سجل خاص.
و نص الفصل 22 من المرسوم الصادر في 10/07/1961 على إمكانية رهن الطائرات وما في حكمها رهنا رسميا ، و إن كانت منقولا بطبيعتها ،و أن ملكيتها لا تنتقل إلا بعد تسجيل بيعها بسجل خاص لدى وزارة الأشغال العمومية.
ونفس الشيء يسري على السيارات بأنواعها التي لا يقتصر بيعها على مجرد الإيجاب و القبول ، بل لا بد من تسجيله بإدارة تسجيل السيارات التابعة لوزارة النقل بعد القيام بالإجراءات الشكلية اللازمة.
المطلب الثاني : الالتزام بتسليم المبيع :
يقصد بتسليم المبيع إلى المشتري تخلي البائع أو من ينوب عنه عن الشيء المبيع و ملحقاته ، ووضعه تحت تصرف المشتري أو نائبه، وتمكينه من حيازته بدون أي عائق، وهو على الحالة التي كان عليها عند إبرام العقد.
و لمعرفة أحكام تسليم المبيع إلى المشتري يتعين تحديد موضوع التسليم و صوره و بيان ظروفه.
أ – موضوع التسليم و صوره:
يقصد بموضوع التسليم : الشيء المبيع المتفق عليه في عقد البيع و كذا توابعه.
1- تسليم المبيع :
قد يكون المبيع موضوع التسليم عقارا ،أو منقولا، أو مجرد حق معنوي .
· فإذا كان المبيع عقارا : وجب على البائع التخلي عنه لفائدة المشتري ، أو عن طريق تسليم مفاتيحه إذا كان من المباني.
· و إذا كان المبيع منقولا: فإن تسليمه يتم عن طريق المناولة اليدوية ، أو بتسليم مفاتيح الصندوق أو المنزل أو الأماكن التي يكون البيع موضوعا فيها أو بأي وجه آخر جرى به العرف.
· و إذا كان المبيع حقا معنويا : كحق المرور، فإن تسليمه يتم إما بتسليم السندات التي تتبث وجوده ، و إما بالاستعمال الذي يباشره المشتري لها برضى البائع، أو بأي شيء آخر يحصل به هذا الحق.
2- تسليم توابع المبيع:
البائع ملزم بتسليم توابع البيع إن وجدت حسب الفصل 516 (ق ل ع) الذي ينص على أن :"الالتزام بتسليم الشيء يشمل أيضا توابعه ،وفقا لما يقضي به اتفاق الطرفين، أو يجري به العرف، فإن لم يوجد اتفاق و لا عرف اتبعت القواعد الواردة فيما يلي":
و قد بسط المشرع أحكام تسليم الملحقات مع الشيء المبيع في الفصول 517 إلى 531 (ق ل ع) و منها :
* الفصل 517 ينص على أن : " بيع الأرض يشمل مافيها من مباني و أشجار كما يشمل المزروعات التي لم تنبت بعد، والثمار التي لم تنضج كذلك".
* و ينص الفصل 518 على أن :"بيع البناء يشمل الأرض التي أقيم عليها، كما يشمل ملحقاته المتصلة به اتصال قرار كالأبواب و النوافذ ، و المفاتيح التي تعتبر متمما للأقفال... ولا يشمل بيع البناء الأشياء غير التابثة التي يمكن إزالتها بلا ضرر ، و لا مواد البناء المجمعة لإجراء الإصلاحات ، و لا تلك التي فصلت عنه بقصد استبدال غيرها بها".
ب – ظروف تسليم المبيع :
1- مكان التسليم :
نص المشرع في الفصل 502 (ق ل ع) على أنه : " يجب أن يتم ألتسليم في المكان الذي كان الشيء موجودا فيه عند البيع، ما لم يتفق على غير ذلك".
2- زمان التسليم :
نص الفصل 504 (ق ل ع) على أنه : "يجب أن يحصل التسليم فور إبرام العقد، إلا ما تقتضيه طبيعة الشيء المبيع أو العرف من زمن".
فمن الأشياء ما يتطلب تسليمها وقتا ما، كأن يتم البيع على نمودج معين و يتطلب إعداد المبيع و صنعه وقتا معينا.
الالتزامات غير الاساسية المترتبة على عاتق البائع
المطلب الثالث: الالتزام بضمان المبيع :
يلتزم البائع بضمان المبيع للمشتري، حتى يتمكن هذا الأخير من الاستفادة من الشيء المبيع وفق ما أعد له بطبيعته أو بمقتضى الاتفاق،و حسب الفصل 532 (ق ل ع) فإن الضمان الواجب على البائع يشمل ضمان الاستحقاق و ضمان العيب و يضيف الفصل 533 ضمان التعرض.
أ- ضمان التعرض:
نص المشرع المغربي في الفصل 533 (ق ل ع) على أن : "الالتزام بالضمان يقتضي من البائع الكف عن كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش على المشتري أو حرمانه من المزايا التي كان له الحق في أن يعول عليها ،بحسب ما أعد له المبيع و الحالة التي كان عليها وقت البيع"
فالتعرض هو كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش من قبل البائع أو من غيره.
· تعرض البائع
كل تعرض من قبل البائع على المشتري يحول دون انتفاعه بالمبيع كليا أو جزئيا، فإنه يعتبر ضامنا له و مسؤولا عنه، ومن حق المشتري مطالبته بالكف عن ذلك التشويش رضاءا ، و إلا عن طريق القضاء، مع طلب التعويض إن كان له محل، ويجب أن يكون التعرض قد وقع فعلا، و لا يكفي مجرد احتمال وقوعه.
وقد يكون التعرض الحاصل من البائ ماديا أو قانونيا:
- من قبيل التعرض المادي الذي يضمنه البائع : هو قيام هذا الأخير ببيع محل تجاري لشخص ما ثم يبيع محلا مماثلا معدا لنفس الغرض لشخص آخر في المكان نفسه، و سبب التعرض هو المنافسة بين المشتريين.
- و من قبيل التعرض القانوني : أن يطالب البائع بحق ما على المبيع الذي سبق له بيعه، لنفس المشتري ، كحق الارتفاق و الانتفاع.
· تعرض الغير:
لا يضمن البائع تعرض الغير، إلا إذا كان سببه مرتبطا بفترة ما قبل التعاقد و يستند إلى حق يثبته القانون كما في حالة بيع عقار مثقل برهن رسمي لمصلحة الدائن.
أ- ضمان الاستحقاق:
نص المشع المغربي في الفصل 534 (ق ل ع) على أن: " البائع يلتزم بقوة القانون بأن يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده ، بمقتضى حق كان موجودا عند البيع".
و الاستحقاق بمعناه الضيق هو ضياع حق بمقتضى حكم قضائي، أما في الاصطلاح فهو انتزاع المبيع من المشتري، أو تهديده بانتزاعه منه، و غالبا ما يكون مسبوقا بالتعرض الذي يتم به التمهيد لبلوغ الاستحقاق.
و يشمل الاستحقاق كل الحالات التي يفقد فيها المشتري حقه في التملك كلا أو جزءا، كأن يدعي شخص ملكية الشيء المبيع بعقد بيع سابق، أو ميراث أو غيرها.
أو أن يكون المبيع مثقلا بحقوق ارتفاق غير ظاهرة أو حقوق عينية لم يصرح بها البائع عند العقد.
وينقسم ضمان الاستحقاق إلى نوعين : الاستحقاق الكلي و الاستحقاق الجزئي.
· حسب الفصل 538 (ق ل ع) فإن المبيع إذا استحق كليا من يد المشنري، كان لهذا الأخير أن يطلب استرداد الثمن و المصروفات التي دفعها، و الخسائر المترتبة عن الاستحقاق.
· إذا كان الاستحقاق جزئيا ، فإنه يفصل بين حالتين:
- أن يبلغ الاستحقاق حدا من الاهمية بحيث لو علم به المشتري لامتنع عن الشراء أصلا، فإن المشتري يكون مخيرا بين فسخ البيع و استرداد كل الثمن، وبين الاحتفاظ بالشيء البيع، في حدود الجزء غير المستحق مع المطالبة باسترداد جزء من الثمن يوازي حجم هذا الاستحقاق.
أما إذا لم يبلغ الاستحقاق الجزئي القدر الكافي لتبرير الفسخ، فإن حق المشتري ينحصر في طلب استرداد جزء من الثمن يوازي نسبة العجز أو الاستحقاق الذي لحق به.
ج- ضمان العيوب الخفية :
عرف الفقه الفرنسي العيب بأنه "كل ما يصيب الشيء المبيع بطريق عارض و لا يوجد حتما في كل الأشياء المماثلة"، و عرف الفصل 549 (ق ل ع) العيوب التي يضمنها البائع بأنها " عيوب الشيء التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا، أو التي تجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد"
ولضمان العيوب شروط لا بد من توفرها ، وآثار تترتب عنها.
· شروط ضمان العيوب الخفية أربعة:
- أن يكون العيب خفيا غير ظاهر بحيث لا يرى بالعين المجردة و لا يدرك ببقية الحواس، و إنما يتطلب اكتشافه تجربة المبيع مدة زمنية معينة، كمن يشتري منزلا معدا للسكن ثم يكتشف في فصل الشتاء أن مياه المطر تتسرب إلى داخله من السقف، رغم بنائه بالإسمنت المسلح بسبب الغش في مواد البناء.
- أن يكون العيب مؤثرا أي ينقص من قيمة الشيء نقصا محسوسا، او يجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد كمن يشتري جهاز تلفاز من أجل مشاهدة الصورة و سماع الصوت، فيجده خاليا من إحدى الصفتين.
- أن يكون العيب قديما اي موجودا وقت انتقال ملكية المبيع إلى المشتري حسب الفصل 552 (ق ل ع) لا بعد انتقال الملكية.
- أن يكون المشتري جاهلا بالعيب ن أما إذا كان عالما به فيفترض رضاه بالمبيع معيبا، فلا يضمن البائع ، و يفترض دائما جهل المشتري حتى يثبت العكس .
· الآثار المترتبة على ضمان العيب الخفي:
نظم المشرع المغربي الآثار المترتبة على ضمان العيب الخفي في الفصول من 556 إلى 567 من (ق ل ع) و هي:
- حق المشتري في طلب فسخ البيع و رد الثمن، الفصل 556 (ق ل ع).
- حق المشتري في طلب إنقاص الثمن:
n إذا كان الشيء قد تعيب بخطئه أو بخطإ من يسأل عنهم .
n إذا كان قد استعمل الشيء استعمالا من شأنه أن ينقص من قيمته بكيفية محسوسة .
- على من تقع تبعة هلاك الشيء المبيع ؟
تقع تبعة هلاك المبيع على عاتق البائع إذا تم بسبب العيب الذي كان يشوبه أو بحادث فجائي ناتج عن هذا العيب، ويلزم البائع برد الثمن و بالتعويضات .
وتقع تبعة الهلاك على المشتري و حرمانه من أي حق في استرداد الثمن أو إنقاصه في حالات :
n هلاك المبيع بخطا وقع منه
n إذا سرق الشيء من المشتري.
n إذا حول المشتري الشيء على نحو يصير معه غير صالح لاستعماله فيما أعد له إصلا.
- إمكانية الاتفاق على إسقاط مسؤولية البائع حيث أن لا شيء يمنع من اتفاق المتبايعين على إسقاط مسؤولية البائع من أي ضمان لأي عيب قبل أو بعد التسليم.
المبحث الثاني : التزامات المشتري:
وفقا لنص الفصل 576 (ق ل ع) فإن المشتري يتحمل بالتزامين اثنين إزاء البائع و هما التزامه بدفع الثمن، و الالتزام بتسلم المبيع.
بالإضافة إلى التزامات أخرى فرعية كالتزامه بأداء مصروفات العقد و التسجيل و التنبر و الشحن و النقل.
المطلب الأول : الالتزام بدفع الثمن:
يعتبر الالتزام بأداء الثمن من أهم الالتزامات الملقاة على عاتق المشتري بحيث يتوجب عليه أداء الثمن في التاريخ و المكان المحددين في عقد البيع، وعند سكوت العقد، فإن البيع يعتبر أنه قد أبرم معجل الثمن،و يلتزم المشتري بدفعه في وقت تسليم المبيع إليه "الفصل 577 (ق ل ع) ".
أ- ظروف أداء الثمن:
زمان أدائه:
نظرا للارتباط الموجود بين تسليم المبيع و أداء الثمن، فإن هذا الأخير غالبا ما يتوجب دفعه للبائع أثناء حصول التسليم.
إلا أن هذا الأصل قد ترد عليه الاستثناءات التي يتم فيها الاتفاق على أداء الثمن قبل التسليم او بعده، و بمقتضى هذا الاتفاق فإن أداء الثمن أداء الثمن قد يكون دفعة واحدة، و قد يكون على أقساط، و في كل الأحوال، إذا منح للمشتري أجل الأداء ، فإن بدء سريان هذا الأجل سيكون من وقت إبرام عقد البيع ما لم يتم الاتفاق على وقت آخر.
· التسليم الجزئي للمبيع: إذا كان التسليم الجزئي للمبيع مفروضا على المشتري بمقتضى الاتفاق أو العرف، فإن المشتري لا يلزم إلا بتسليم أجزاء من الثمن تتناسب مع الكمية التي يتوصل بها من المبيع.
· التسليم الكلي للمبيع : إذا لم يكن هناك عرف و لا اتفاق يفرض تجزئة التسليم فإن المشتري لا يلزم بأداء الثمن إلا بعد تسليم المبيع كاملا . " الفصل 504 من (ق ل ع)".
مكان أدائه:
إذا كان تسليم المبيع يتم في المكان الذي يوجد به الشيء المبيع، ما لم يحصل اتفاق على خلاف ذلك، فإن دفع الثمن يتعين الوفاء به في نفس المكان الذي يتم فيه التسليم.
كيفية أدائه :
الثمن باعتباره دينا في ذمة المشتري يتم أداؤه بطريقة عادية بواسطة النقود المتداولة في البلد الذي حصلت فيه المعاملة ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك ، كأن يتم الاتفاق على أدائه بعملة أجنبية معينة ، أو عن طريق الشيكات البنكية او الأوراق التجارية كالكمبيالة و غيرها، و في كل الأحوال لا يعتد بهذه الوسائل إلا إذا كانت مقبولة من طرف البائع.
ب- حكم عدم الوفاء بالثمن:
إن عدم الوفاء بالثمن من طرف المشتري قد يكون عن حق أو عن غير حق.
n الامتناع عن أداء الثمن عن حق:
من حق المشتري أن يمتنع عن أداء الثمن ما دام البائع لم ينفذ التزامه المقابل بتسليم المبيع، إلا ان هذا الحق في حبس الثمن يجب أن يتماشى كليا أو جزئيا مع نوعية التشويش أو التعرض الصادر عن البائع، فإذا كان محدودا في جزء معين من المبيع فإنه لا يحق للمشتري أن يحبس إلا جزءا من الثمن يتناسب مع حجم التعرض و الاستحقاق.
n الامتناع عن أداء الثمن عن غير حق:
إذا قام البائع بكافة الالتزامات المفروضة عليه، و بالرغم من ذلك امتنع المشتري من أداء الثمن، فإن للبائع أن يجبره على تنفيذ التزامه المقابل المتمثل في الأداء بإحدى الطرق الثلاث اي التنفيذ العيني ، استرداد المبيع ، أو فسخ البيع.
· التنفيذ العيني:
و يكون التنفيذ العيني عن طريق حبس المبيع طبقا للفصل 235 من (ق ل ع) الذي ينص على ما يلي: " في العقود الملزمة للطرفين يجوز لكل متعاقد منهما أن يمتنع عن أداء التزامه إلى أن يؤدي المتعاقد الآخر التزامه المقابل، و ذلك ما لم يكن أحدهما ملتزما حسب الاتفاق أو العرف، بأن ينفذ نصيبه من الالتزام أولا".
و حبس البائع للبيع إما أن يؤدي إلى إرغام المشتري على الوفاء بما التزم به و إما إن يتحول إلى فسخ قضائي للعقد إذا لم تتحقق الغاية منه.
· استرداد المبيع :
حسب الفصل 582 من (ق ل ع) خول المشرع للبائع إمكانية استرداد الشيء البيع من يد المشتري إذا امتنع هذا الأخير عن الوفاء بالثمن، إذا كان هذا الأخير معجل الدفع.
· فسخ البيع:
وفقا للقواعد العامة المتعلقة بمطل الدين " الفصل 259 (ق ل ع) " فإن المشتري إذا كان في حالة مطل فإنه يحق للبائع أن يطالب بالتنفيذ العيني لعقد البيع، أما إذا تعذر الوصول إلى هذه الغاية، فإن المحكمة ستقضي بفسخ البيع مع التعويض إن كان له محل.
المطلب الثاني : الالتزام بتسلم المبيع :
يلتزم المشتري إضافة إلى أداء الثمن بتسلم الشيء المبيع وفقا لما يقضي به العقد أو ينص عليه القانون. وهو ما يؤكده الفصل 580 (ق ل ع) الذي ينص على أن " المشتري يلتزم بتسلم الشيء المبيع في المكان و الوقت اللذين يحددهما العقد، فإذا سكت العقد عن البيان، و لم يجر بشأنه عرف، التزم المشتري أن يتسلم المبيع فورا،إلا ما يقتضيه تسلمه من زمن، و إذا لم يتقدم المشتري للتسلم، أو إذا تقدم لتسلمه ولكنه لم يعرض في نفس الوقت أداء ثمنه، عندما يكون هذا الثمن معجلا، وجب اتباع القواعد العامة المتعلقة بمطل الدائن". فكيف يتم التسلم إذن وما هو جزاء الإخلال به ؟
*- أ- كيفية تسلم الشئ المبيع:
إن المشتري لا يلزم بتسلم الشيء المبيع إلا إذا كان موضوعا رهن إشارته من قبل البائع.
وإذا كان المبيع من العقارات فإن تسلمها يكون بوضعها تحت تصرف المشترين، وقد يتم الإكتفاء بمناولة المشتري مفاتيح العقار أو وثائقه رمزا لهذا التسلم.
أما إذا كان المبيع من المنقولات ، فإن استلامها يكون بحيازتها حيازة مادية متى كان المنقول محددا بالذات، أما إذا كان محددا بالنوع، فإن تسلمه يكون بمفرزه و تعيينه، أما إذا كان المبيع من الحقوق المعنوية أو الأدبية فإن تسلمها غالبا ما يقتصر على تمكين المشتري من الوتائق و المستندات التي تثبت وجودها.
أما مصاريف التسلم من شحن و نقل، و توتيق و تسجيل فيتحملها المشتري.
ب - جزاء الإخلال بتسلم المبيع:
إذا امتنع المشتري عن تسلم المبيع امتناعا كليا أو جزئيا، أوتأخرعن تسلمه في الموعد المحدد لذلك ، فإنه يكون في حالة مطل الأمرالذي يستوجب تطبيق القواعد المتعلقة بمطل الدائن عليه، و هي:
* يكون الدائن في حالة مطل إذا رفض دون سبب معتبر قانونا استيفاء الأداء المعروض عليه من المدين أو من غيره.
* ابتداء من الوقت الذي يصبح فيه الدائن في حالة مطل تقع عليه مسؤولية هلاك الشيء أو تعيبه، ولايكون المدين مسؤولا إلاعن تدليسه و خطئه الجسيم " الفصل 273 (ق ل ع) ".
* ليس على المدين أن يرد إلا الثمار التي جناها فعلا أثناء مطل الدائن (الذي هو المشتري) ، و له من ناحية أخرى الحق في استرداد المصروفات الضرورية التي اضطر إلى انفاقها لحفظ الشيئ و صيانته، وكذلك مصروفا ت العروض المقدمة منه ،"الفصل 274 (ق ت ع).
اثار عقد البيع
Reviewed by fouziman
on
يوليو 07, 2018
Rating:
ليست هناك تعليقات: